نوقشت في جامعة تكريت/ كلية العلوم الاسلامية/قسم الفقه و اصوله اطروحة دكتوراه للطالب عماد عبدالله محمد و الموسومة ب(الاجتهاد المقاصدي عند الشيخ علي القره داغي وتطبيقاته الفقهية المعاصرة) تكمن اهمية الموضوع في معلومٌ أنَّ نصوصَ الكتاب والسنَّة هي المعين الخصب لهذا الفقه وهي النُّور الَّذي جاء لسعادة البشريَّة في الدَّارين إلَّا أنَّ هذه النُّصوص تحتاج إلى نظرٍ وتأمُّلٍ وتدبُّرٍ لفهم دلالاتها واستنباط الأحكام منها وكيفيَّة تنزيلها على الوقائع والحوادث ممَّا يقتضي الاجتهاد في كلِّ الأحوال فيما يستجدُّ من قضايا ونوازل إذ يستفرغ الفقيه جهده ويبذل غاية وسعه إمَّا في دَرْكِ الأحكام الشَّرعيَّة أو في تنزيلها بما يجده أقرب إلى تحقيق مراد الشَّرع ومقصده وهنا يأتي الاجتهاد المقاصدي على رأس كلَّ اجتهادٍ ، هدفت الدراسة الى ظهور الاتجاهات الحرْفيَّة والباطنيَّة للتَّعامل مع النُّصوص, وكلاهما معاولٌ لهدم الشَّريعة, فالأوَّل من خلال التَّركيز على القراءة السَّطحيَّة والظَّاهريَّة للنُّص فهماً وتنزيلاً, ممَّا أوقع النَّاس في حرجٍ ومشقَّة, والثَّاني من خلال القراءة الباطنيَّة الَّتي تُظهر الاعتناء بالمعاني تحت مسمَّيات التَّجديد والحداثة والتَّغيير وهي في حقيقتها تعمل على ضرب مبادئ وقواعد علم أصول الفقه ، وختمت الدراسة بأهم النتائج التي توصل اليها الطالب وهي كما يأتي :
1_ إنَّ الاجتهادَ بمفهومه الواسع ومعناه العام شاملٌ لجميع أنواع الاستنباط من النَّص الشَّرعي سواءً كان فهماً, أو دلالةً, أو تعليلاً, أو تخريجاً, أو ترجيحاً, أو تنزيلاً.
2_ إنَّ مفهومَ المقاصد عند الشَّيخ القره داغي أعمُّ وأوسع من مفهومه عنده غيره من المعاصرين؛ فهو يرى أنَّ المقاصدَ هي المعاني والحِكَم والغايات الَّتي أرادها الله D في التَّشريع, والخلق, والتَّكوين.
3_ إنَّ المقاصدَ الإلهيَّة الَّتي ذُكرت في القرآن الكريم وفصَّلتها السُّنَّة النَّبويَّة, منظومة واحدة مترابطة لا تتجزَّأ, وأنَّها لا تقتصر على مقاصد تشريع الأحكام فحسب, بل تتعدَّى ذلك لتشمل مقاصد الخلق والتَّكوين -خاصَّة مقاصد خلق الكون وخلق الإنسان- والمقاصد العامَّة والخاصَّة والجزئيَّة للتَّشريع, وكذلك مقاصد المكلَّفين, وفقه المآلات والذَّرائع, وهذا ما أسماه بـ (المنظومة المقاصديَّة, أو البعد المقاصدي).
4_ إنَّ الاجتهادَ لا يمكن أنْ يُحقِّقَ أهدافه في البناء والإصلاح والتَّغيير, ما لم يُفهم من خلال هذه المنظومة المقاصديَّة؛ لأنَّ مقاصدَ تشريع الأحكام لوحدها ليست كافية لضبط الاجتهاد والفتوى.
5_ تبيَّن من خلال هذه الدِّراسة أنَّ الشَّيخ القره داغي لا يرى حصر الضَّروريَّات في الكليَّات الخمسة المذكورة فقط, بل أضاف إليها مقصد حفظ العرض, وأمن المجتمع والجماعة, وأمن الدَّولة الشَّرعيَّة لتصبح الكليَّات عنده ثمانية, وكما يرى أنَّ ضابطَ اعتبار مقصدٍ ما ضروريَّاً أو كلِّيَّاً هو اختلال نظام الحياة بفقده واختلاله, وأنْ يُرتِّبَ الشَّارع على الإخلال به حدَّاً أو قصاصاً.
6_ إنَّ الفتاوى الخاصَّة بالمسائل الجزئيَّة والاجتهاد فيها بمعزلٍ عن رعاية المقاصد بمفهومه العام يؤدِّي إلى الانعزال والانفصال بين الأحكام الصَّادرة بشأن نشاط الإنسان وبين مقاصد خلقه, وخلق الكون كلِّه.
7_ إنَّ الاجتهادَ المقاصدي يقوم على مراعاة الأدلَّة الكلِّيَّة والجزئيَّة مع مقاصد الشَّريعة دون التَّضحية بأحدهما على حساب الآخر, وفق ميزانٍ دقيقٍ يجمع بينهما, أو يرجِّح أحدهما على الآخر.

