نوقشت في كلية التربية للعلوم الانسانية قسم علوم القران أطروحة الدكتوراه للطالبة خوله عزيز رشيد مصطفى الداودي الموسومة (التعبير القرآني أُصوله ومباحثه)
إن التعبير القرآني قد نبتت بذوره في تربة الإعجاز البياني الخصبة، ولم يخرج غصناً شامخاً إلا عند المحدثين، إلا أنَّ الناظر رغم ذلك لا يقف على مفهومٍ واضحٍ، ولا مصطلحٍ مستقرّ لهذا العلم، مع ارتباطه عندهم بالإعجاز البياني والبلاغي، وتعدُّد الدراسات فيه، فالباحث في هذا التركيب لن يجد دراسةً جامعة لأُصوله ومباحثه، إذ لم تتّضح معالمه في دراسات المحدثين، ولا مرجع لطلبة العلم يرجعون إليه لفهمه، فدراسات التعبير القرآني دراساتٌ تطبيقية، ثمّ إنّ أهمّية هذا الموضوع تكمن في أنَّه يجمع العلوم اللغوية والأدبية بالعلوم الشرعية المتنوعة، فيجول فيها، وينتقي منها أُصول ومباحث هذا العلم، كما أنَّه يشتمل على كلّ ما دُرس في باب البيان والبلاغة القرآنية، فتمتزج فيه العقول، فالعقل الأُصولي، والعقل البلاغي، والعقل اللغوي، وعقل المفسِّر، وغيرهم على اختلاف العلوم والفنون، فنلتقط منهم ما يخدم دراستنا، فإنّما هي محاولةٌ نحو استقرار علمٍ تناثرت أُصوله ومباحثه في تطبيقات العلماء والباحثين وتحليلاتهم، فعلم التعبير القرآني يبحث في أسرار وأغراض اللفظ القرآني، ويستجلي دلالاته وإيحاءاته، ويقف عند حُسنه وجماله، وهذا ممّا لا تخفى أهمِّيته في الدراسات القرآنية.
1- فإنَّ التعبير القرآني من أوسع المفاهيم في باب الإعجاز البياني، إذ إنَّ كلّ ما تناوله العلماء والباحثون في هذا الباب هو داخلٌ في دائرة التعبير، فهو يشتمل على كلّ ما دلّ على إظهار معاني النفوس، لهذا كان البيان والبلاغة والفصاحة والنظم والأُسلوب، وغيرها تمثِّل أُصولاً ومباحث للتعبير القرآني، وقد ثبت ذلك عندنا من جهة اللغة واستعمال العلماء.
2- إنَّ التعبير عن معاني النفوس يكون باللفظ نطقاً وكتابةً، وبالإشارة والحال، فالتعبير بهذا يلتقي مع البيان في أصناف الدلالات على المعاني، وهذا يعني تقارب المفهومين، وهو يقودنا إلى القول بتقارب التعبير القرآني والبيان القرآني من جهة اللغة والمفهوم، لهذا قلنا بأنَّ التعبير القرآني هو البيان القرآني.
3- إنَّ جذور التعبير القرآني وبواكيره قد ظهرت عند القدماء في التطبيق والتحليل، إذ استعملوه في مواضع الفصاحة والبلاغة، وارتبط عندهم بالمعاني البعيدة، غير أنَّ إشاراتهم إليه كانت تلويحاً لا تصريحاً، لذا فإنَّ أُصوله وقواعده بحاجة إلى تتبُّعٍ واستقراء، فهي منثورة في تطبيقاتهم.
4- إنَّ المحدثين بدوا مضطربين في استعمال التعبير القرآني، فلم يميِّزوه عن غيره من التراكيب التي تمثِّل بعضها أُصولاً للتعبير، وأُخرى من أنواعه، ولم يستقرّ كمصطلح، رغم اختصاصه في التطبيق عندهم بإبراز الأسرار البيانية، وكلّ ما يُكشَف به عن المعنى والمغزى، فضلاً عن الجوانب الجمالية والأدبيَّة والفنيَّة والنفسيَّة.
5- إنّ للتعبير القرآني خصوصيةً في استعمال الألفاظ والتراكيب والأساليب، إذ اختصّ بها عن استعمال العرب، فابتكر ما لم يعهدوه من معانٍ ودلالات، واستعمل الألفاظ على أصل وضعها وعلى المجاز ببراعةٍ ودقّةٍ وتناسقٍ عجيب، لا نجده في استعمال العرب.

